Translate

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

المهلا بن سعيد القدمي النيسائي الشرفي (عاش في القرن العاشر الهجري)




بقلم/ حمود عبدالله الأهنومي
ورد نسبه في كتب التراجم بـ( المهلا بن سعيد بن محمد بن علي القدمي النيسائي الشرفي) وفي نسبته إلى قدم ثم إلى نيساء ثم إلى الشرف التي استقر بها ما يشير إلى أماكن توطُّنه وتوطن أسلافه من أسرته وإلى الهجرات الإيجابية لبعض الأسر اليمنية سريعا من مكان إلى آخر، ولا ندري سببا آخر اجتذب هذه الأسرة من (نيسا) إحدى مناطق مديرية المغربة اليوم إلى بلاد الشرف سوى تلك الهجر العلمية المنتشرة في ذلك العصر في بلاد الشرفين ومنها هجرة الوعلية والشجعة والقزعة والشعارية وبني أسد وغيرها، والتي ربما كانت السبب الأبرز لاجتذاب هؤلاء النيسائيين؛ إذ أنه من خلال وثيقة تاريخية رسمية بين الإمام شرف الدين وهذه الأسرة وردت في مطمح الآمال نص تّ بوضوح على استمرار ارتباط هذه الأسرة بمهدها (نيسا) حتى إلى ما بعد تاريخ الإمام شرف الدين، وقد كانت هجرة الوعلية صيفا وهجرة الشجعة شتاء مستقر هؤلاء النيسائيين العلمية، وهم من أطلق عليهم (آل المهلا) لاحقا.
تعلم المهلا بن سعيد في أصول الدين على يد السيد العلامة محمد بن الهادي النعمي المتوفى قبل 936 ه والمدفون في قبة بني خضير في القزعة، كما تتلمذ في الفقه  والفرائض والنحو على السيد العلامة عبد الله بن القاسم العلوي والسيد العلامة علي بن الإمام شرف الدين الذين يبدوان أنهما استوطنا هجرة الوعلية في ذلك الحين، كما أخذ في كتب الزهد والأخلاق عن السيد علي بن إبراهيم الذي كان يقطن هجرة (بني أسد) في منطقة حجر، ويبدو أنه شد رحاله نحو هجرة (الظفير) فأخذ عن الشيخ الفقيه إبراهيم بن أحمد الراغب لا سيما في علوم العربية، إضافة إلى أن أحد أسانيد الزيدية كان عن طريق المهلا بن سعيد روايةً عن السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير صاحب كتاب الفلك الدوار، وعنه أخذ أيضا. وورد في طبقات الزيدية ما يشير إلى أنه أخذ أيضا عن السيد عبد الله بن الإمام شرف الدين.
ويتضح من خلال هذه القائمة العملاقة من شيوخه العلماء أنه نال قسطا كبيرا من العلوم في مختلف أنواعها، ولهذا فقد كان ولده شيخ الإسلام وقاضي القضاة والذي أطلق عليه لقب (تفتازاني اليمن) عبد الله بن المهلا (ت 1028 هـ)أحد أبرز تلامذته، وبحسب قائمة مقروءات هذا الولد على أبيه المترجم له نجد أنه كان عالما كبيرا وو صُ فِ بأنه عالم ثبت محقق، وقد اتخذ من هجرة الوعلية مكانا لنشر العلم الشرعي المعهود في ذلك الزمان.
ويبدو أنه مع علماء آخرين جعلوا بلاد الشرفين في ذلك الحين منارة علمية أجبرت أعلام اليمن أن تحط رحالها في هجرهم؛ فقد وفد إلى هجرة الوعلية الإمام الحسن بن علي بن داوود، وقرأ على شيوخها، وزامل ولد المترجم له القاضي عبدالله، كما كان من أبرز شيوخ هذه الهجر الهادي الوشلي النعمي، والسيد عبدالله بن القاسم العلوي، وآخرون، وفي هجرة الشجعة لاحقا سيهاجر الإمام القاسم بن محمد، وغيره من أعلام الفكر الإسلامي في اليمن.
فهل آن لشباب اليوم أن يعيدوا التاريخ الحضاري الرائع لهذه البلدة الطيبة، وأن يتسابقوا إلى علياء الكرامة والمجد، ويبنوا ما كانت أوائلهم تبني؟ هذا ما ستجيب عنه الهمم العالية والطموحات القوية المرتكزة على العمق الحضاري والالتزام الديني لشبابنا الأعزاء.
المصادر:
مطلع البدور لابن أبي الرجال، ومطمح الآمال للحسين بن ناصر المهلا، وطبقات الزيدية الكبرى لإبراهيم بن القاسم بن المؤيد بن القاسم.
نقلاً عن مجلة مفتاح المجد، العدد(6) رجب 1433 ه÷

ليست هناك تعليقات: