Translate

الاثنين، 15 يناير 2018

الرائد عبدالمطلب بن يحيى بن حسن بن محسن المحبشي

مثقف، ناشط اجتماعي، ثائر، مجاهد، قائد حركي وميداني، مدرب وقائد عسكري

شاب عصامي، يافع، فارع الطول، نحيف الجسد، بشوش الوجه، حسن الطالع، لين الجانب، سهل التعامل، سريع البديهة، بعيد النظر، واسع الافق، قوي الإرادة، ماضي العزم، يشع حيوية ونشاطا وشجاعة وثباتا وإقداما وعزة وإباءا وتضحية وشهامة وإيثارا.

 غادرنا ولم يتجاوز الثلاثين عاما، بعد حياة حافلة بالجهاد في سبيل الله ونصرة المظلومين ومقارعة الباطل والاصلاح بين الناس وفعل الخير، تاركا خلفه حزنا عميقا تلونت به كل جبهات العزة والكرامة، التي دونت في سجلاتها، مشاهدا من بطولاته، ستظل حكاياتها توقظ في ضمير الأمة عبرة تشير الى الطريق الصحيح الذي سلكه، وعبرة تسقي في نفوسنا جديب البقاء، لنتذكر دوما أننا بقينا في وطن حر، عزيز، مصان، لأن ترابه أنجب رجالا كعبدالحي.

 اشتهر في أوساط حركة أنصار الله بعبدالحي المحبشي، وكنيته أبو حمزة، مولده بقرية جبل المحبشي من مديرية المحابشة في محافظة حجة في يوم الجمعة 3 يوليو 1987.

ينحدر من أسرة بسيطة تمارس زراعة القات والبن، عاش حياة قاسية، وواجه الكثير من الصعوبات والعوائق، وكان كثير التسائل عن أسباب تلك الصعوبات والحكمة منها.

درس في المحابشة الى الصف الأول الثانوي، حاول بعدها الالتحاق بالمعهد المهني، لكنه لم يستطع المواصلة بسبب الظروف المعيشية.

 كان مولعا بالمطالعة العامة وقد أتاح له وجود مكتبة متنوعة بمنزل العائلة الفرصة لإشباع نهمه، وتوسيع مداركه ومعارفه وثقافته العامة، وخصوصا في الأدب والشعر وله العديد من المحاولات والكتابات الأدبية الواعدة.

في العام 2005 شد انتباهه، الحرب الظالمة على صعدة، أسبابها وحيثياتها وتداعياتها، وسبب صمت الناس حيالها، والتضييق الذي تعرض له علماء الزيدية وطلبة العلم في المحابشة، من الاجهزة الامنية حينها، بسبب تلك الحرب الجائرة.

 تساؤلات كثيرة دارة بعقله، تاركة مع مرور الأيام ندوبا وجروحا غائرة في قلبه الصغير، الذي لم يتحمل الصمت على مظلومية اخواننا بصعدة، ليقرر في العام 2009 الالتحاق بحركة أنصار الله.

 اكتسب خلال الفترة (2017 - 2009) علوم ومعارف جديدة وانخرط في دورات دينية وفكرية وصحية مكثفة، الى جانب دورات في فن الادارة والقيادة والعلوم العسكرية والاستخباراتية.

 في العامين (2016 - 2015) ركز على دراسة تضاريس وتاريخ ومكونات وعادات وتقاليد القبائل اليمنية، لأهمية ذلك في تسهيل تعامل وتواصل مقاتلي أنصار الله مع ابناء القبائل التي يتواجدون فيها وتسهيل عملهم الجهادي في المناطق المشتعلة.

أسندت حركة أنصار الله للشهيد المحبشي العديد من المهام خلال الفترة ( 2017 - 2011 ) تنوعت بين التحشيد الجماهيري الى ساحات التغيير، والتعبئة العامة الى جبهات القتال، بعد عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية على اليمن في 26 مارس 2015 وتطبيب واسعاف الجرحى والمصابين، وحفظ الأمن والاستقرار في العديد من مناطق ومحافظات اليمن، والمشاركة في لجان الوساطة الخاصة بتهدئة الصراعات القبلية في بعض مديريات محافظة حجة، والانخراط في مختلف جبهات القتال الداخلية والحدودية، وتنفيذ مهمات عسكرية متنوعة، وكان أخر عمل له قبل رحيله في إطار القوات الخاصة التابعة لمكتب قائد حركة أنصار الله، كمدرب ومؤهل عسكري للأفراد والمدربين.

تميز الشهيد في كل المهام التي اسندت اليه بشهادة رفاقه بقوة الايمان بعدالة القضية التي يناضل من أجلها، وروح المبادرة، والتفاني والإخلاص في عمله، والايثار لزملائه، لدرجة توزيع ملابسه وما يتقاضاه من مرتب بسيط على المحتاجين منهم، والتصدق على الفقراء والمحتاجين في المناطق التي يتواجد فيها، وخلق علاقات طيبة مع سكان تلك المناطق، لمسنا دفئها في تواصل العديد منهم مع عائلة الشهيد بعد رحيله، وحزنهم العميق عليه.

أصيب اصابات بالغة في عدة جبهات، جعلته في اخرها، طريح الفراش لأكثر من شهر ونصف، وفي كل مرة كان يخفي على أهله اصابته، مكتفيا بالتواصل معهم، وزيارتهم بعد تماثله للشفاء، وتطمينهم بعدم وجود أي خطر على صحته أو حياته، طالبا منهم الدعاء بالموفقية لنيل شرف وكرامة الشهادة.

في شهر أبريل 2017 زاد ضغط العدوان على مديرية ميدي، وكان الشهيد حينها قد شارف على الانتهاء من تدريب وتأهيل دفعة جديدة من المدربين، ولأن الأدبيات العسكرية تقتضي اجراء الجانب العملي من التدريبات في الجبهة مباشرة، فقد قرر الشهيد الانتقال مع مجموعته الى جبهة ميدي،  رغم إلحاح المشرفين عليه، البقاء في التدريب، بسبب حاجة الجبهات المتزايدة للمجاهدين، لكنه أصر على الذهاب الى الجبهة، مترنما بمقولته الشهيرة وبمعنويات عالية: "ما لها إلا العزم" من أجل وقف عربدات وزحوفات العدوان، والتي زادت وتيرتها مع قرب زيارة الرئيس الإميركي ترامب للسعودية في 20 أبريل 2017 على أمل تحقيق أي إختراق ميداني، يشفع لبني سعود لدى سيدهم الزائر.

مثلت التبة الحمراء بميدي، نقطة استنزاف للجيش اليمني واللجان الشعبية، منذ بداية العدوان على هذه المديرية الحدودية المنكوبة، وفيها ارتقى معظم شهداء الجيش واللجان، إما بالغارات الجوية الهستيرية والتي لا تكاد تفارق سمائها، أو قنصا من على السفن الحربية الراسية في عرض البحر ومن صحراء ميدي.

تقع التبة الحمراء في المنطقة الفاصلة بين ميناء وساحل ميدي جنوبا، وهي عبارة عن مرتفع وحيد، تقع على قمته قلعة الامام، وسط صحراء مكشوفة ومفتوحة، ما جعل العدوان يركز عليها بشكل كبير.

بعد وصول عبدالحي الى المنطقة تدارس مع رفاقه أمر هذه التبة اللعينة، وضرورة استعادتها من مرتزقة العدوان، وفي ليلة الثلاثاء 28 رجب 1438 هـ، الموافق 25 أبريل 2017 قرر عبدالحي ورفاقه بدء الهجوم، ورغم انه لم يكن أمام المجاهدين سوى مدخل واحد للوصول الى التبة، مقابل تحكم المرتزقة في مدخلين التفافية، إلا أنهم تمكنوا بتوفيق الله من الوصول الى التبة والسيطرة عليها، بعد ليلة طويلة من المواجهات الضارية والتنكيل والفتك بقوى العدوان.

مع شعشعت ضوء صبيحة الثلاثاء تمكن المرتزقة من استجماع قواهم المنهكة، بالتوازي مع وصول تعزيزات كبيرة من معسكراتهم بقرى الموسم المحاذية في قطاع جيزان، بينها فرق خاصة من القناصة، وسط تحليق مكثف للطيران، حينها اكتشفوا مكان عبدالحي وجماعته، فأحاطوهم من كل الجهات، وقنصوهم واحدا تلوى الأخر، ولم يتبقى منهم سوى عبدالحي، حيث ثبت وحيدا وقاوم مقاومة القادة الابطال، وسط جيش جرار من المرتزقة، وظل يقاوم ويقاتل وجها لوجه، بشجاعة قل نظيرها حتى أخر رصاصة، لم يتراجع ولم يتعب ولم تخور قواه، بل كان واقفا على قدميه، مرفوع  الهامة، الى أن تمكن المرتزقة من إصابته بطلق ناري في رقبته وأخر استقر في جبهته، حينها أشاح ببصره نحو السماء مترنما "ربح البيع عبدالحي"، ومعها صعدت روح قائد فذ لم تنحني جبهته يوما لغير الله.

بقي جسده الطاهر في ساحة المعركة، الى ان تمكن الجيش اليمني واللجان الشعبية بعد 17 يوما من استعادة التبة واخراج الجثمان الطاهر، ليتم مواراته الثرى بمسقط رأسه، صبيحة الخميس 15 شعبان 1438 هـ، الموافق 11 مايو 2017.

هكذا هم رجال الله يكبرون في زمن الصغار، ويخلدون في أمكنة يتآكلها النسيان، ولا يغيبون عنا أبدا، فهم شموع تنير ظلام القلوب، وأسماؤهم؛ محاريب دعاء نتقرب بها إلى الله، وقرابين تسخو - في زمن القحط البشري - في سبيل شجرة الحق والعشق التي لا ترتوي إلا بدماء الأبرار والأحرار، فيرثون الأرض والفردوس معا.

أولاده: حمزة

قراءة في مفهوم التغيير

زيد يحيى المحبشي
التغيير الحقيقي والشامل حسبما قرأنا في العلوم السياسية يختلف كليةً عن التغيير الجزئي في مبناه ومعناه، لسبب بسيط هو أن الثاني مجرد محطة ترانزيت غايتها ترميم وتجميل الموجود القائم دون إحداث أي تحول فعلي في المنظومة العامة المثار عليها (تغيير في الأشخاص دون المساس بالسياسات ممزوجاً ببعض المحسنات الاقتصادية الممرحلة).

 بينما يقوم الأول على إحداث تحولات فعلية عميقة ونهائية على نحو يقطع مع عصر استبدادي كامل، وإقامة نظام جديد يتسع لكل أبنائه ودولة جديدة لم يعد فيها البلد مزرعة لأحد، وشعب يؤمن بحتمية التغيير كخيار وقدر غير قابل للمساومة والمتاجرة، شعب مستعد للتضحية ودفع الأثمان المترتبة على التغيير، وصولاً إلى امتلاك زمام المبادرة، شعب قادر على أن يحدد بالدستور والقوانين والشرعيات شروط ومواصفات من يحكمه وكيف يحكمه، شعب لديه من الضمانات ما يكفي لمنع أي سلطة رئاسية أو حكومية من التحول مجدداً إلى سلطة قمعية واستبدادية..

ضمانات تنبني على انشاء عقد اجتماعي جديد يضم دستور وأركان نظام ديمقراطي مؤسساتي مدني، يُؤسَسَ على أنقاض سلطة الرأي الأوحد والحزب الواحد، عقد اجتماعي جديد يُسمح فيه للمجتمع – بعيداً عن أهواء السلطة الديكتاتورية المتهاوية وسيوفها التي لا زالت مسلطة على رقاب الناس- بوضع قواعد وأسس دولة مدنية عصرية، لا رغبات فيها لسلطة تسعى إلى تأييد وتأليه وتقديس الأنظمة القفصية الاستبدادية، ولا ينفرد فيها الحاكم بالتحكم في غرفة الأقدار.

التغيير الحقيقي والشامل ببساطة هو نتاج طبيعي وترجمة عملية لتوافر الثقة المتبادلة بين أطياف الفعل الثوري والسياسي وإعمال الولاء الوطني وتقديمه على ما عداه من ولاءات ضيقة وقبل هذا وذاك وجود إرادة وطنية تؤمن بحتمية وضرورة التوجه الجِدِي الجمعي لتجاوز الرؤى الكلاسيكية القائمة على ثقافتي الغالب والمغلوب وإبدال التنابذ والتحاقد والتحارب بالتحاور والتدافع، والتوافق على معايير وآليات واضحة، تسهم بشكل ناجز في بناء منظومة علاقات متينة بين أطياف الفعل السياسي والثوري، علاقات واثقة ومطمئنه تضمن استمرار الطاقات المتعددة والمتنوعة وتضمن الاختلاف المذهبي وخصوصياته وتكفل طبيعة المحتوى الثقافي والفكري وخصائصه المتنوعة وتدفع بأطياف المجتمع معاً إلى ساحة الفعل الحضاري والتنموي، حسب رؤية المواطنة المتساوية والعيش الواحد المشترك والوطن المتسع لجميع أبنائه، ومن خلال روافد المحبة والتسامح والإقرار بمبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن عامة.

وكل هذا لا يتأتى ولا يكون إلا في حالة واحدة وواحدة فقط، هي امتلاك القدرة والإرادة الجمعية لبناء منظومة متنوعة من الأسس والمرتكزات المُتَنَاغَم والمُتَوَافق عليها وإليها، تضمن البناء السليم للحاضر والانطلاقة الواثقة نحو المستقبل...
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/آيار/2013 - 12/رجب/14

هتلر الحرمين الشريفين!!

الطريق إلى الجحيم مُسفلتٌ بالنوايا الحسنة والأهداف النبيلة والشعارات الرنانة والمنطق البارد الكئيب المتعطش للدماء والدمار والخراب ..
 إنه كوكتيل "مولوتوف قرن الشيطان" الحارق الذي لم يخطئ أبداً في إهدار الإنسانية عبر تاريخها الطويل والتلذذ بحفلات الدم والنار والقهر
* فباسم الخير الأعظم للأمة الألمانية أدار أدولف ألويس هتلر عجلة دمار كونية هائلة حصدت أرواح عشرات الملايين من البشر، مُحيطاً كل ذلك الإجرام والعدوان بموسيقى جميلة وتنظيم مثير للإعجاب ومذهب إعلامي ودعائي بارع .. ومخلفاً ورائه إرثاً دموياً خبيثاً لا زالت البشرية تعاني من ويلاته وأثاره الإجرامية إلى اليوم ..
 وأعانه على ذلك جمعٌ دمويٌ حاشد وكبير من الطغاة والمستبدين والمرتزقة، الذين لم يدخروا جهداً في ميدان التسابق لتسويغ وتعزيز قرفهم الهتلري النازي، بقائمة طويلة من الشعارات البريئة واليافطات المضيئة والنوايا الحسنة والاهداف النبيلة وغيرها من الأساليب الشيطانية التبريرية لجرائمهم ودمويتهم وطغيانهم وهمجيتهم ووحشيتهم ..
 * وباسم الخير الأعظم للأمة العربية ها هو هتلر الحرمين الشريفين يدير ذات العجلة الهتلرية التدميرية وبذات الطريقة النازية الموغلة في الفحش والإجرام والحقد المخضب بدماء الأبرياء ..
وهذه المرة ليس ضد المخالفين في المعتقد والفكر والعرق أو ضد أعداء الأمة العربية وناهبي خيراتها ومنتهكي حرماتها ..
بل ضد بلد يشاركه الجغرافيا والدين والفكر والتاريخ والعرق وصلات الرحم ..
 بلد جريمته الوحيدة أنه أراد العيش بحرية وكرامة وسيادة وعزة نفس بعد عقود من الوصاية والتبعية والهيمنة والإذلال والهوان والقهر التي لاقاها أبنائه من جار السوء .. وهو ما دفع سليل أكلة الأكباد إلى الاعتقاد بأن انتفاضة شعب اليمن الحر الأبي على طغيانه وجبروته وغطرسته وهيمنته خروجاً عن بيت الطاعة التي إعتادها جلاوزة أسرته المتهالكة، فلم يكن أمامه من خيار سوى استحضار اللعنة الهتلرية المحرقة للشجر والحجر والبشر من أجل تأديب المارد اليمني وإعادته إلى بيت الطاعة وهيهات له ذلك ولا نامت عيون الجبناء
اضاءة:
 "التشيع كلمة أغضبة الطغاة وزلزلت عروشهم وقضَّت مضاجعهم وسرقت النوم من عيونهم ..
وأحدثت هزةً عنيفةً في ضمير الأمة لا تدعُها تنام على التخلف والانهيار والذل والهوان
 زيد يحيى المحبشي؛ المنار المقدسية؛2015-04-14

صحافة الرجل الاخرس


زيد يحيى المحبشي
ليس بوسع حرفة الكتابة أن تكون شيئاً في عالم الفقراء, سوى حرفة غير مشروعة, يمارسها صحفيون لا حرية لهم, أمام مواطنين لا سلطة لهم, بموجب قانون كامن في حرفة الكتابة ذاتها.
ولذا نجدها في عهد الجاهلية الأولى سلاحاً إدارياً فتاكاً بيد الإقطاعيين والمؤسسات الدينية, لتتحول بعد ظهور الإسلام إلى أداة راقية, معنية بعمل رسالي غايته خدمة شرع الناس ودعوتهم إلى تحرير أنفسهم من أغلال الإقطاعيين والمؤسسات الدينية معاً.
أما اليوم فهي مجرد أداة مسلوبة الإرادة والهدف, تحركها السلطات الحاكمة والكارتلات الرأسمالية, لتسجيل ما ترى أنه يستحق التسجيل, وتزوير ما ترى أنه يستحق التزوير, وترك قضايا الواقع تتكلم في الشارع إلى ما لا نهاية, بعد أن صار الحديث عن قضايا أخرى خيالية ربما لا تنقصها الإثارة أو حُسن الصياغة بقدر ما ينقصها صوت الناس، أي صوت السواد الأعظم من البسطاء.
والأهم من هذا وذاك بروز طائفة من الصحفيين، لا هم لهم سوى التركيز على ترويج الشائعات وإثارة الفتن وتغذية النعرات والحساسيات بين الطوائف والمذاهب والعرقيات, وتأجيج نيران الصراعات السياسية والحزبية ومعاداة قضايا الفقراء وتلميع سلطات الأقفاص الزجاجية والتفنن في التحايل الإعلاني وغيرها من الأثافي والأساليب الملتوية واللآوية لعنق الحقيقة والسالبة لقُدسية وطُهر وأخلاقيات صاحبة الجلالة.
هي إذن الجاهلية الثانية تطل بقرونها المتشيطنة من جديد, ولكن هذه المرة من بوابة الصحافة العصرية في زمن صارت فيه العلاقة بين صاحبة الجلالة – الصحافة - وصاحب الجلالة - رأس المال - علاقة ملوكية قولاً وفعلاً قوامها الذهب والفضة.
فرأس المال يضمن وجود الإعلانات ويضمن في الوقت ذاته إسفين الصراعات السياسية والدينية والثقافية والفكرية والاجتماعية .. والذي بدوره يقود إلى فتح مناجم الذهب والفضة، وفتح طاقة ليلة القدر في سوق الصحافة، ما يجعل منها حرفة مجزية ومثيرة للرهبة، من حرقت الملكات، ولا زالت.
والعكس صحيح ففي غياب رأس المال تتحول الصحافة إلى مجرد سيدة من دون ألقاب, وفي مثل هذه الحالة لا يتوقع أحدٌ صحافةً اسمها "صاحبة الجلالة", وإذا ما حدثت فارقة وظهرت مثل هذه الصحافة فجأة, فإنها لا تكون صاحبة الجلالة حقاً، بل مجرد سيدة جائعة تعرض جسدها الجائع للبيع.
الصحافة في مفهوم الشرع الجمعي وسيلة اتصال وصوت مفهوم يتحدث عن واقع الناس, وينقل حديثهم عنه, لذا فهي لا تتعمد الانتشار بل تنتشر تلقائياً، لأنها صوت الناس أنفسهم كما يتردد في بيوتهم وشوارعهم، لا كما يتردد في ردهات وأروقة القصور وصالات وبورصات الكارتلات الرأسمالية والسلطات القفصية، المؤصدة الأبواب والأذان عن صرخات وآلام وأنين الفقراء.
الصحافة الرسالية لا تحفل بالمانشيتات العريضة والعناوين الضخمة, والتي أضحت في عالم اليوم أشبه بوسيلة التخدير ضد كل ما يحدث في الواقع, وهي في الزمان والمكان ومع ذاتها والآخرين ومع أشكال الحياة وأخطارها, تتقاسم العامل الأخلاقي والأمانة المهنية والنزاهة والتجرد والحيادية والموضوعية والمصداقية, وتنأ بنفسها عن التهويل والتلميع والترويج المجافي للحقيقة والواقع.
لذا فهي ليست وسيلة من وسائل جمع المال, ولا أداة من أدوات الارتباطات الأمنية, ولا بوقاً من أبواق إثارة الفتن والصراعات وإشعال الحرائق في صيغة التعايش المشترك, ولا جهازاً من أجهزة إرضاء خفافيش وعشاق الظلام وأعداء الحرية والرأي والرأي الآخر, وهي لا تضع رأيها الشخصي من وحي الاستدعاءات القضائية أو الأمنية أو الارتزاق الإعلامي أو الحقد الثأري أو الوثنية التي لا تعرف العبادة إلا مع الأصنام.
إنها باختصار شديد مهنة رسالية, تقاوم زمن الشبهة والزيف والمجاملة والمحاباة, لزمن القصابين والجلادين والعطارين وحملة المباخر.
فإذا كنت واحداً من أبناء هذه المهنة المتعبة, فعليك أن تعي جيداً أنك ستجد نفسك في بيئة, لا تعدك بغير التضحية والتعب والإرهاق وتلف الأعصاب, وبالقدرة على تحويل ترفك إلى نوع من الإثارة الطبيعية والتكيف الطبيعي, حتى مع ما يهدد أمنك واستقرارك ويخترق جميع حدود ذاتك ورغباتك, حينها فقط تصبح جزءاً من بناءات الذات الإنسانية الرسالية, المتبدد والمندثر داخلها كل ما هو أناني وانتهازي ووصولي, وتعويضها بوسام الشرف وعهد الوفاء للمهنة الرسالية.
أما عندما تتوحد الغاية مع الوسيلة توحيداً عضوياً, سمته الانفصالية والازدواجية, فستكون عاقبة المآل الدخول في دوامة الانفصام والالتباس والديماغوجية, وحينها تتحول حرفة الكتابة إلى مجرد صحافة خرساء مُهِينة وفاتكة بسمعة وشرف المهنة الرسالية, وحينها فقط نقول على الدنيا السلام ...

إذا أردت أن تخرب أي بلد فقط أطلق سراح الحمير فيها

"إذا أردت أن تخرب أي بلد فقط أطلق سراح الحمير فيها" ..
يروى أن أحدهم كان لديه حمارا يقضي له حاجاته وعندما ينتهي من مشاويره يربطه بشجرة أمام منزله ..
وفي أحد الأيام أتى إبليس وفك حبل الحمار وتركه وكان هناك حديقة مجاورة وبدأ الحمار يأكل الأخضر واليابس فيها .. صاحبة الحديقة سمعت الضجيج  فخرجت لترى الحمار يعبث بمحتويات حديقتها بعد أشهر من التعب والإنفاق في زراعتها ومن حرقتها دخلت المنزل وأخذت بندقية زوجها وأطلقت النار على الحمار فمات من فوره .. سمع صاحب الحمار صوت الرصاص فخرج ليجد حماره مضرجا بالدماء ومن فوره أخذ قضيبا كان مرميا على الأرض وضرب صاحبة الحديقة على رأسها فماتت من فورها..  وفي المساء عاد زوجها متعبا ومرهقا ليجدها مضرجة بالدماء فأخذ بندقيته وقتل صاحب الحمار وثارت الحرب بين العشائر وأزهقت الكثير من الأنفس البرئية ..
  وعندما سألوا إبليس لعنه الله أيش عملت .. قال لم أعمل شيئ  .. فكيت حبل الحمار فقط  ..
لذلك قالت الحكماء:
"إذا أردت أن تخرب أي بلد فقط أطلق سراح الحمير فيها"

عبودية الأذهان

عبودية الأذهان أشد فتكا وخطورة وتدميرا من عبودية الأوطان ولذا فعلينا أولا كي نحرر وطننا من دنس المحتلين تحرير عقولنا من عقدة الأنا والتطهر من وباء الانتقام والاحقاد والمصالح الشخصية والفئوية والعمل على تفعيل قواسم التقارب لا التنافر  والبحث عما يجمع الناس لا ما يفرقهم
.. زيد يحيى المحبشي

منهج السلامة كمدخل للتعايش السلمي

"التعايش السلمي ضروري وواجب شرعي وإنساني حتى تستقر الحياة وتستمر ويتحقق بذلك مفهوم الخلافة التي من أجلها وجد الإنسان، وذلك وفق منهجية إسلامية معتدلة بوعي"
.. الحبيب طاهر محمد الهدار
* ارساء قواعد السلم الاجتماعي والتعايش السلمي واجب شرعي وإنساني من أجل:
1 - طي صفحة المآسي والكوارث التي لم تعد تغادرنا بما فيها من ضعائن وأحقاد وأنانيات وتحريش وتجييش وتحريض وتكفير وتسفيه وهتك للحرمات وسفك للدماء المحرمة
2 - إطفاء فتيل الاشتعال الاجتماعي والفكري والثقافي والمذهبي الملتهب
3 - إزالة الحواجز النفسية والفكرية
4 - الخروج الآمن بالبلاد من هذه الدوامة القاتلة التي نعيشها .. ألخ
* ارساء قواعد السلم الاجتماعي والتعايش السلمي يعني ببساطة اتباع منهج السلامة القائم على:
1 - الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي
2 - نشر ثقافة المحبة والألفة والأخوة والوفاء والتصالح والتسامح والتعاون على البر والتقوى
3 - التضحية بالمصالح الذاتية والتنازل لبعضنا البعض من أجل المصلحة العامة وحقن الدماء
4 - الإيمان بحتمية العيش المشترك والتعايش السلمي وحرية التعبير والتفكير والتنوع والتعدد والقبول بالأخر المختلف والتسامي على كل الجراح ..
اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين واجعل حبنا وتواصلنا خالصا لوجهك الكريم
 جعل الله ايامكم عامرة باعمال الخير وصلة الأرحام وتعهد الجيران والفقراء والمحتاجين والتنفيس عن المكروبين واغاثة الملهوفين وجعلكم الله من الأزهار الالهية التي تزرع المحبة والمودة والتسامح والسلام والاخاء والفضيلة والأمل والابتسامة أينما حلت ونزلت